ربيع يُقتلما اجمل ايام الربيع والفراشات تُداعب اهداب الزهور,والعصافير تُراقص اوراق الشجر,والاطفال يركضون ويلعبون يكادوا ان يصلوا السماء من شدة فرحهم بالربيع والوانه.
اطفال يلعبون في الحديقة العامه,هذا يلعب بالرمل وذاك على الارجوحه وتلك تلعب قفز الحبل مع صديقاتها,تعلو الضحكات والصيحات وتملئ المكان ,وفي ذاك الركن يجلس شاب وفتاه تحت شجرة اللوز المزدانه بزهرها الابيض يخيم الهدوء على ركنهم وكأنه عالم اخر ,عالم خاص بهم لا تسمع فيه سوى همسات قليله ونظرات دافئه يُرسلها اليها وهي تعيد ارسالها ببسمة ٍ خجوله ترسمها على شفاهها,يصمتون وتتحدث عيونهم بأجمل معاني الحب والعشق.
تنظر الى الساعه تُدرك انه قد حان وقت العودة الى البيت,تستأذنه لتعود الى البيت تقف من على هذا الكرسي الخشبي الذي جلس عليه مئات الاحباب ويحمل مئات القصص والحكايات ,مئات الضحكات والدموع,يودعها
ببسمة دافئه يرسمها على شفاهه لها وتقولها عيناه لها ,يخبرها بأنه يريد رؤيتها غدا ايضا ,تومئ له انها موافقه,تذهب لتنادي اخيها للعودة الى البيت ,تنظراليه من بعيد ببسمه تاركةً قلبها معه ,عيناه ترافقها الى ان تلاشى ظلها ،غادر هو الاخر المكان بعد ان تحسس مكان جلوس حبيبته,لازالت صورتها بين عينيه فمهما يجلس معها لا يمل ويبقى مشتاقاً وهي كذلك ,وصلت البيت دخلت غرفتها وتعيد تصور جلستهما وكيف انها كانت تريد ان تحدثه باشياءٍ كثيره ولكن الكلمات هربت وتاهت الحروف امام سحر عينيه,ولم تجد سوى ان تحاوره بعينيها وكيف انهما تحاورا بلغة العيون ونقل اليها كل شوقه وكيف غازلها بعينيه ورسم لها اجمل معاني الحب .
فجأه تستيقظ من حلمها الجميل على صوت طرق الباب,تدخل والدتها ,
- الام:طاب مساؤُكِ عزيزتي.
- الفتاة: طاب مساؤكِ امي.
- الام: كيف كان نهارك؟ هل استمتعتِ بالحديقه؟
- الفتاة: نعم , استمتعت كثيرا فقد كان الجو رائعا.
- الام: اريد ان احدثك بموضوع.
- الفتاة: تفضلي امي.
- الام: الا ترين انه قد حان وقت زواجك؟
- الفتاة:لازلت صغيره امي ,اريد ان اكمل دراستي.
- الام: عزيزتي انها سنة الحياة ,ولا شيء اجمل من ان تكوني اما ً ولديكِ اطفال.
- الفتاة:ولكن امي لم أُنهي دراستي الثانويه بعد.
- الام:ولماذا الدراسه فها انا تزوجت وانا في السادسه عشر من عمري ولم ادرس ,ومهما تدرس الفتاة ويصل تحصيلها العلمي نهايتها الى المطبخ.
- الفتاة:ارجوكِ امي اريد ان انهي دراستي.
- الام:انتهى الامر ,فلقد تحدث عمك الى والدكوأخبره انه يريدك زوجه لابنه,وقد وافق والدك.
- الفتاة وقد اصابها الذهول:ماذا تقولين انه مثل اخي ,ولماذا لم يخبرني بذلك والدي قبل ان يوافق,؟ اين رأي ؟اليست حياتي؟
- الام :ومنذ متى يُأخذ برأي الفتاة ,فأنا تزوجت والدك ولم يسألوني ما رأيك به,وها انا اعيش مرتاحه والحمدلله, ستكون قراءة الفاتحه هذا الخميس ,لا اريد ان تعكري صفو والدك.
خرجت الام تاركةً ورائها جرحٌ لابنتها وهي لا تدري ,شلالات من الدموع انهمرت على خدي الفتاة ,وهي تفكر دراستي أين؟ حُبي أين؟وحياتي ,احلامي التي بنيتها هل كنت ابني قصوراً من الرمال وقد اتت العاصفة لهدم قصري ؟لا ,لن اجعلها تهدم احلامي ,تفكر بامانيها واحلامها ,كم كانت طويلةً تلك الليله فهي لم يغمض لها جفن وقد روت وسادتها بدموعها .
شق الصبح الظلام واسدلت الشمس خيوطها الذهبيه ,والعصافير ترفرف وتغرد ولكن تغرد لحن حزين ,طلبت الفتاة من والدتها ان تخرج الى الحديقة العامه ,وافقت امها بعد ان قالت لها ان تأخذ اخاها الصغير معها ليلهو مع الاطفال هناك, خرجت الفتاه وصلت الحديقه جلست على الكرسي تنتظر قدوم حبيبها لتخبره بما جرى ليحاولا معا احياء حلم يكاد يفارق الحياة مضت الدقائق كالسنين ولم يأتي ممن احبت لم يأت من تركت قلبها معه ,تنتظر ويداها تتشابكان وكأنهما تتعاركان وافكارها كلها حزينه ,كيف كانت البارحه تجلس على هذا الكرسي وقد كانت سعادة الكون كله تغمرها ,وهي اليوم حزن العالم يسكنها ويتخذ من عينيها موطنا له ,مرت ساعه ولم يأتي ,سالت دمعة من عينها احرقت خدها ,مسحت الدمعة وسارت نحو اخيها لتعود الى البيت ,وبعد يومين علمت انه قد حصل لحبيبها ظرف طارئ وقد سافر خارج البلاد ,فازداد حزنها وايقنت ان حلمها ذهب ادراج الرياح.
جاء الخميس وحان الموعد اصبحت خطيبة ابن عمها, تركت الدراسهبناءا على طلب خطيبها واهلها, استمرت الخطبه ثلاث شهور وقد كان يعاملها معاملة سيئه ,وكلما اخبرت الفتاةامها بمعاملة خطيبها السيئه ,قالت لها اصبري بنيتي لابد وان يتحسن فهذا ابن عمك وعندما ستصبحون زوجا وزوجه ستتفهمون بعضكم اكثر ,صبرت الفتاة على امل ان يتحسن ويحسن معاملته لها.
تزوجت منه ولكن معاملته لم تتحسن بل ازدادت سوءا معها,فأصبح لا يعود لها إلا اخر الليل ثملاًويبدء بشتمها وسبها ,تحولت حياتها الى جحيم وخاصة بعد ان فقد عمله,فقد اصبح يضربها ويهنيها ليل نهار,وكلما شكته الى امها اخبرتها بوجوب الصبر وانها الان تحمل في احشائها طفل ,فلتصبر لاجل الطفل .
وضعت مولدها ولم يتغير شيء على زوجها كما هو سيء ويهينها يضربها,لا يرجع الا اخر الليل ثملا بعد ان باع كل صيغتها ونصف اثاث البيت ليقضي سهراته مع الشباب,وفي ليلة عاد الى البيت يستشيط غضبا
فذهب الى زوجته وبدء يضربها ضربا مبرحا ويسبها ولم يترك مكانا في جسمها الا وكدمه,استيقظ الرضيع وبدء بالبكاء انه لم يبلغ الشهر من عمره ثار الاب فحمل الطفل والقاه على الارض بقوه,اختفى صوت الطفل وسط ظلام الليل وجنون الاب ,تحاول لم بقاياها ساحبة نفسها الى طفلها لترى ماذا حل به ,تصرخ وتقول:ولدي ولدي ,استيقظ انا احبك لا ترحل ابقى ابقى. لكن الطفل لم يبكي فقد فارق الحياة صرخت الام صرخة مدويه صعدت الى عنان السماء وارتدت صرختها بندائها "ولدي",هرع الجيران الى البيت ليجدوا الام ممسكة بجثة رضيعها مختلطةًدموعها بدمائها وزوجها جالس على كرسي يُراقب .
حضرت الشرطة الى المكان ,سُجن الزوج ,دُفن الطفل ,اما هي نقلت للمشفى لتعالج مما سببه لها زوجها,
خرجت من بيت والدها طفلة تملئها الحياة عادت اليه امرأةٌ يسكنها الحزن والالم هي الان بعمر الزهور,لكنها ذبلت وفقدت عبيرها وكل رغبة بالحياة.
لا تحرموني ردودكم ورأيكمبقلمي انا.....